تتحرك شركة أبل بخطوات محسوبة نحو مرحلة جديدة في عالم الاتصالات، إذ تشير تقارير حديثة إلى أن هاتف آيفون 18 برو القادم قد يشهد نقلة نوعية في قدراته على الاتصال بشبكات الجيل الخامس من خلال الأقمار الصناعية التابعة لشركة سبيس إكس. هذه الخطوة، إن حدثت، ستكون بداية لعصر تتكامل فيه الهواتف الذكية مع البنية الفضائية للإنترنت لتوفير تغطية عالمية تتجاوز حدود الأبراج الأرضية وذلك وفقا لما ذَكَرَهُ موقع “Queen News”.
حتى الآن، لا توجد شراكة رسمية بين أبل وسبيس إكس في هذا المجال، غير أن المؤشرات التقنية والاقتصادية تُظهر أن التعاون بين الطرفين قد يكون مسألة وقت لا أكثر. فشركة سبيس إكس، من خلال منظومة ستارلينك، باتت تمتلك أكبر شبكة أقمار صناعية تدور في مدار منخفض حول الأرض، وتوفر خدمات الإنترنت في مناطق نائية وصعبة الوصول. وفي المقابل، تسعى أبل إلى تعزيز استقلالية أجهزتها وتقوية قدراتها الاتصالية في ظل التوسع الكبير لخدمات الطوارئ والاتصال الفضائي.
التقارير الصادرة عن موقع ذا إنفروميشن كشفت أن تصاميم أقمار ستارلينك الجديدة باتت تدعم الترددات نفسها التي تستخدمها أبل في ميزة الاتصال عبر الأقمار الصناعية الموجودة حاليًا في هواتف آيفون الحديثة. هذه الميزة تعتمد على أقمار شركة غلوبال ستار، والتي تشغل خدمة الطوارئ المعروفة باسم إس أو إس عبر الأقمار الصناعية، وهي الميزة التي تمكن المستخدمين من طلب المساعدة في حالات الطوارئ وإرسال مواقعهم الجغرافية عندما يكونون خارج نطاق التغطية الخلوية التقليدية.
المثير في الأمر أن العلاقة بين أبل وغلوبال ستار قد تشهد تحولات كبيرة خلال الفترة المقبلة، خصوصًا بعد أن أبدى رئيس مجلس إدارة غلوبال ستار رغبته في بيع الشركة مقابل عشرة مليارات دولار، وهي صفقة ضخمة قد تعيد رسم خريطة التعاون بين شركات الأقمار الصناعية والهواتف الذكية. ويرى محللون أن هذه التطورات قد تدفع أبل للبحث عن بدائل أكثر مرونة، وسبيس إكس تبدو المرشح الأقوى لذلك بفضل قدراتها التقنية الهائلة وتوسعها السريع في قطاع الاتصالات الفضائية.
أبل كانت قد رفضت سابقًا عرضًا من سبيس إكس لتوفير خدمة الاتصال عبر شبكة ستارلينك لهواتف آيفون، مفضلة في ذلك الاعتماد على شراكتها الحالية مع غلوبال ستار. إلا أن الخطط المعلنة مؤخرًا من داخل أبل تشير إلى نيتها إدخال دعم خاص لشبكات الجيل الخامس غير الأرضية في أجهزتها المستقبلية بدءًا من العام المقبل، وهي خطوة تمهد الطريق أمام تكامل مباشر مع منظومات الأقمار الصناعية الحديثة.
سبيس إكس من جانبها تواصل تطوير خدماتها لتشمل الاتصال المباشر بالأجهزة المحمولة دون الحاجة إلى تجهيزات أرضية معقدة، كما أنها تقدم بالفعل خدمات إنترنت عالية السرعة للمنازل والمركبات، إلى جانب مشروعها التجريبي المشترك مع تي موبايل المعروف باسم تي ساتلايت، الذي يتيح اتصالات محدودة عبر الأقمار الصناعية في حالات الطوارئ.
إذا ما مضت أبل في هذا الاتجاه، فإن آيفون 18 برو قد يصبح أول جهاز ذكي في العالم يجمع بين تكنولوجيا الجيل الخامس الأرضية والفضائية في آن واحد، ما سيمنح المستخدمين تجربة اتصال غير مسبوقة من أي مكان على وجه الأرض، سواء في المدن أو في الصحارى أو في أعماق المحيطات.
إن دخول أبل إلى عالم الاتصالات الفضائية بشكل أوسع لن يكون مجرد تحسين تقني، بل تحول استراتيجي يعيد تعريف مفهوم الاتصال ذاته. فبينما تركز شركات الهواتف الذكية على زيادة السرعة والكفاءة في الشبكات التقليدية، يبدو أن أبل تخطط لتجاوز السقف الحالي نحو عالم بلا حدود، حيث يصبح الفضاء امتدادًا طبيعيا لشبكة الإنترنت الأرضية.
في النهاية، سواء تم التعاون بين أبل وسبيس إكس قريبًا أم لا، فإن المؤكد أن آيفون 18 برو يمثل خطوة مفصلية في تطور الاتصالات المحمولة، وأن العالم يقف أمام فصل جديد تتقاطع فيه التكنولوجيا مع الفضاء ليولد جيل جديد من الهواتف الذكية القادرة على البقاء على اتصال دائم أينما كان المستخدم.
