يعيش أرسنال فترة من التوازن الفني والانضباط التكتيكي جعلته واحدًا من أكثر الفرق ثباتًا على المستوى الدفاعي في إنجلترا وأوروبا فالفريق الذي يقوده الإسباني ميكيل أرتيتا بات يقدّم نموذجًا واضحًا لفكرة أن الدفاع القوي هو الأساس الحقيقي لتحقيق البطولات وليس فقط الأداء الهجومي المميز الذي يجذب الأضواء وذلك وفقا لما ذَكَرَهُ موقع “Queen News”
أرتيتا الذي تولى مسؤولية تدريب الفريق في واحدة من أصعب فتراته بعد تراجع طويل في النتائج وضع منذ البداية رؤية واضحة تعتمد على بناء فريق متماسك من الخط الخلفي إلى الأمام فالرجل يدرك أن السيطرة على المباريات تبدأ من الصلابة الدفاعية وأن الألقاب لا تُحسم إلا بالقدرة على منع الخصوم من التسجيل قبل التفكير في كيفية الوصول إلى مرماهم
خلال الموسم الحالي أظهر أرسنال شخصية قوية في الخطوط الخلفية حيث لم تهتز شباكه في عدة مواجهات محلية وأوروبية وهو ما يعكس تطورًا كبيرًا في الأداء الجماعي للفريق فالدفاع لم يعد مقتصرًا على رباعي الخط الخلفي فقط بل أصبح مسؤولية جماعية تبدأ من المهاجمين الذين يضغطون مبكرًا وتستمر في الوسط الذي يغلق المساحات ويمنع الخصوم من بناء الهجمات بسهولة وصولًا إلى الحارس الذي بات جزءًا فاعلًا من منظومة البناء والتمركز
أرتيتا تحدث بثقة أمام الصحفيين مشيرًا إلى أن الصلابة الدفاعية هي الطريق الأقصر نحو البطولات فالفِرق التي تتقن التنظيم الدفاعي وتتحلى بالانضباط التكتيكي تكون دائمًا قريبة من القمة فالإسباني يرى أن تسجيل الأرقام الدفاعية الجيدة ليس غاية في حد ذاته بل وسيلة لتحقيق النجاح الشامل الذي يقود الفريق إلى حصد الجوائز والألقاب التي ينتظرها جمهور النادي منذ سنوات طويلة
المدرب الشاب لا يخفي طموحه في رؤية فريقه ينافس على جميع الجبهات لكنه يدرك أن الثبات هو العنصر الأهم فبداية الموسم القوية ليست كافية إذا لم يصاحبها استمرار في الأداء بنفس المستوى لذلك يصر على تطوير كل تفاصيل المنظومة الدفاعية من التمركز إلى سرعة الارتداد وطرق التعامل مع الكرات العرضية والكرات الثابتة التي أصبحت سلاحًا هجوميًا أيضًا للفريق
أرسنال هذا الموسم برهن على قدرته في استغلال الكرات الثابتة بشكل مدهش فقد سجل أكثر من عشرة أهداف من هذا النوع خلال عدد محدود من المباريات وهو رقم لم يسبق لأي فريق أن حققه في هذه المرحلة المبكرة من الدوري الإنجليزي الممتاز هذا التنوع في مصادر التهديف يعكس عمق العمل الفني الذي يقوم به الجهاز التدريبي حيث لم يعد الاعتماد على الهجمات المنظمة فقط بل أصبحت الكرة الثابتة جزءًا من هوية الفريق الهجومية والدفاعية في آن واحد
ويؤمن أرتيتا أن الدفاع القوي لا يتعارض مع الجماليات الكروية التي يسعى إليها أرسنال منذ سنوات بل يكملها فالفريق الذي يعرف كيف يحمي مرماه هو نفسه الذي يستطيع فرض أسلوبه الهجومي بثقة دون خوف من المرتدات أو الأخطاء التي تكلفه النقاط لذلك فإن الانضباط الذي يميز أداء اللاعبين أصبح من سمات الفريق الذي يطمح إلى العودة إلى أمجاده القديمة في البريميرليغ ودوري أبطال أوروبا
ويضيف أرتيتا دائمًا في أحاديثه أن النجاح في كرة القدم الحديثة لا يعتمد على لاعب واحد بل على منظومة متكاملة تعمل بتناغم بين الدفاع والوسط والهجوم فالفريق الذي يتعامل كوحدة واحدة داخل الملعب هو الذي يملك الحظوظ الأكبر في الاستمرار على القمة وهذا ما يسعى إلى ترسيخه يومًا بعد يوم في تدريبات الفريق
ومع دخول أرسنال مرحلة الحسم في الموسم فإن الرهان على الصلابة الدفاعية يبدو هو المفتاح الذي سيحدد مصير الفريق في المنافسة على الألقاب فالجماهير التي طال انتظارها ترى في عمل أرتيتا مشروعًا حقيقيًا لبناء فريق مستقر قادر على فرض نفسه بين كبار أوروبا من جديد بعد سنوات من الغياب عن المشهد البطولي
في النهاية يبدو أن أرتيتا لا يبحث فقط عن نتائج مؤقتة بل عن هوية طويلة الأمد لأرسنال هوية تقوم على الصبر والتنظيم والوعي التكتيكي والالتزام الدفاعي فهذه هي القيم التي تصنع البطل وتضمن بقاء الفريق في القمة مهما تغيّر شكل المنافسة أو تبدلت الأسماء
